أحواش آيت باعمران : الحركات والرموز
أحوايش، الدْرْسْت، الهْضْرْت، العْوّاد...كلمات ومصطلحات لها دلالات عميقة في ذهنية جميع الفئات الاجتماعية بمنطقة آيت باعمران كما في المناطق الجنوبية الأخرى، فهي تعني من جملة ما تعنيه، الحفل والاحتفال والرقص. فأحوايش هو صنف من أصناف الفنون الجماعية المعروفة والمشهورة في هذه المجالات حيث تكاد تتميز كل منطقة أو قبيلة أو جهة معينة بنوع من أنواع هذه الفنون وان كانت لا تختلف عن غيرها إلا في تمظهرات محدودة وخفيفة كاللباس والإيقاع والشكل وغيرها.... ويمكن إدراج هذه الفنون انتروبولوجيا ضمن علم السيرورات باعتباره نتاجا تاريخيا في صيرورة دائمة ومتجددة على عكس علم الوقائع والبنى والأعراف.
وما يهمنا في هذا المقام ليس الحديث عن تاريخ وعموميات رقصة أحوايش وتصنيفاته المتعددة، بقدرما لفت الأنظار ولو بشكل مقتضب من زاوية انتروبولوجية إلى الحركات ووضعيات الجسم والإيماءات وتقنيات الجسد وحركة يد المحترف ورجليه، والتعبير عن المشاعر. وكلها طقوس تضفي جمالية فريدة على المحفل، إضافة إلى شروط أخرى تجعل منه صورة فنية متخمة بالرموز والمعاني التي يحيى بها ممارسو هذا الفن والتي يحرصون حرصا شديدا على احترامها والمحافظة على أدق تفاصيلها.
وعادة ما نجد أحوايش في آيت باعمران يتكون من 30 فردا يقفون على شكل نصف دائري، يرتدون لباسا موحدا ومتناسقا في جميع تفاصيله في اللون والشكل والنوع، يترأسهم رئيس هو الذي يتولى قيادة هذه المجموعة يمكن أن يتميز عنهم في لون لباسه لا غير، وبجانب هذه المجموعة تجلس مجموعة معزولة عنهم أصحاب الإيقاع « العواد والبندير» وبجانبهم نجد موقدا للنار لتسخين البنادير.
وعلى جميع من يشارك في هذا الطقس أن يضع عمامة بيضاء على رأسه وأن يرتدي جلبابا من نفس اللون الذي يلبسه رفاقه والبلغة هي الأخرى من نفس اللون ثم الخنجر، هو الآخر يجب أن يوضع بنفس الطريقة مع إحترام اللون والشكل، وتجدر الإشارة إلى أن هذه العناصر هي التي يرتديها العريس يوم عيد زفافه الذي يسمى «إسلي» أو»مولاي».
فاللباس الأبيض عادة ما يرمز إلى النقاء والصفاء ثم إلى السلم، أما الخنجر فهو رمز الدفاع والحرابة، والشجاعة. وتعبر هذه الصورة على وجود رغبة جامحة للعيش في مناخ يطبعه السلم والطمأنينة إلا أن ذلك لا يعني التخلي عن الحرب والدفاع عن النفس ولو في لحظات الفرجة والاحتفال، فالخنجر له وظائف جمالية أخرى، الا أن استعماله في هذه الصورة يحيل على الحرب أكثر من ثيمة أخرى.
وتتميز رقصة أحوايش أو الدْرْسْتْ في أيت باعمران بقوة الحركة الجسدية، تحريك الكتفين بسرعة متناهية والضرب بالرجلين على شكل إيقاعات سريعة ودقيقية، ثم تحريك الرأس ببطء وتثاقل إضافة إلى تحريك اليدين. الرئيس وحده هو الذي يمتلك سلطان الإعلان عن انطلاق كل هذه الحركات الجسدية وممارساتها، فهو الذي يتحكم أولا في الفضاء العام الذي هو مرتع الرقص والحفل ويتحرك فيه بسرعة، حيث عليه أن يجوب كل ذلك الفضاء وينتقل بخفة أمام حزام يتكون من30 فنانا، الذين عليهم الانتباه إليه ومحاكاته بدقة متناهية فهو ينتقل من تحريك الكتفين إلى الضرب بالرجلين في سرعة كبيرة، في الوقت الذي يجب على الواقفين أمامه أن ينتقلوا بنفس السرعة وفي نفس الوقت.
ان وظيفة الرئيس أو الرايس، هي محور أحوايش وإن لم نقل هي جوهره ومحركه الأساسي، فهو يقوم بإشارات عديدة ويطلق أصواتا مختلفة عبارة عن صيحات قوية، يدري جيدا متى يطلقها و متى ينهيها، فهذه الوظيفة لا يقوم بها إلا من تجتمع فيه عدة شروط أولا الخبرة والاحتراف ثانيا السرعة وقوة الحركة... ثالثا الإجماع الذي يجب أن يحظى به من قبل جميع أعضاء المجموعة.
ويقوم الرئيس بالعديد من الحركات أهمها تحريك يده اليمنى كما هي شائعة في العديد من أشكال الفنون، وهي تدل على الاستعداد والتأهب لدخول عالم آخر غير مرئي حيث تسلم الأرواح، والولوج إلى الرقص الطقوسي، كما يلوح بيده كما يفعل الفلاح في حقله وهو يزرع البذور، وتأتي الإشارة الثانية على شكل عملية الحصد، ثم الضرب بالرجلين وهو الذي يحيل إلى عملية الدرس وهي المرحلة الأخيرة من مراحل المحصول الزراعي. هذه الحركات التي ترمز إلى ما يقوم به الإنسان طيلة فصول السنة، الأمر الذي يؤكده انطلاق أجواء الاحتفال التي ينتعش فيها احوايش في فصل الصيف تبركا وابتهاجا بما جادت به السماء والأرض من محصول زراعي يشكل مصدر عيش الإنسان والحيوان على حد سواء في هذه المجالات القروية.
وأما الحركات الجسدية البطيئة التي يقوم بها المشاركون في انتظام وتناسق كبير على شكل تموجات، فإنها تصور تحركات السنابل في الحقول التي تحركها الرياح، وقد توحي حسب تعدد الروايات واختلاف المناطق، بطريقة مشي الخيول حين تتباطأ في السير.
أما الشكل العام الذي تتخذه الدْرْسْت فهو يصور شكل الهلال، وينضاف له عدد المشاركين الذي لا يتجاوز ثلاثين فردا، لتعبر الرقصة عن الزمن وتوالي الشهور التي يمارس فيها الإنسان أشغاله، وهكذا يعبر هذا الفن الجماعي عن أشكال الحياة الاجتماعية، فالمرء حين يرقص، يغني، يصرخ، فإنه يعبرعن تطلعاته وآماله وآلامه. وكما يقول «مارك أوجيه» أن هذه الطقوس الجمعية الكبرى ليست انعكاسا، ولا تصويرا لثقافة، بل هي على العكس تشكل ممارسات تتيح للثقافة أن تتحول وأن تتولد.
ونلمس من هذه الإشارات السريعة أن أحوايش آيت باعمران أو الدْرست هي إخراج للحياة اليومية عن طريق أحداث مشهدية في ثوب فني طقوسي تساعدنا أكثر على فهم الحياة الاجتماعية.
عن موقع
http://e-amazigh.blogspot.com/
الثلاثاء 26 مايو 2020, 08:05 من طرف elhouceine
» موقع انزكان ايت ملول
السبت 25 أبريل 2020, 07:23 من طرف elhouceine
» موقع انزكان ايت ملول
السبت 25 أبريل 2020, 07:13 من طرف elhouceine
» مجموعة من العاب الفلاش اصدارات 2015
الجمعة 21 أغسطس 2015, 13:05 من طرف زائر
» كتب أمازيغية للتحميل-idlisn imazighn-livres amazighs
الثلاثاء 02 أبريل 2013, 16:12 من طرف elhouceine
» شاطىء امسوان-La plage de Imesouane-Aftas n imswan-nouvelles photos
السبت 23 مارس 2013, 17:38 من طرف elhouceine
» Tachelhit -Tassoussit le dialecte de SOUSS
الأحد 17 مارس 2013, 14:53 من طرف elhouceine
» من مدينة "دمنات "..إلى قرية "فاس".....
السبت 01 ديسمبر 2012, 16:46 من طرف elhouceine
» Nouvelles photos d'Essaouira-صور جديدة للصويرة-tiwlafin timaynutin n tassort
الثلاثاء 13 نوفمبر 2012, 07:39 من طرف elhouceine